كيف يمكن للحرب بين أوكرانيا وروسيا أن تؤثر على آسيا وأفريقيا
نشر موقع “فورين بوليسي” (Foreign Policy) الأميركي مقالا لأليكس سميث محلل الأغذية والزراعة بمعهد بريكثرو بولاية كاليفورنيا، يحذر فيه من تداعيات اقتصادية وسياسية للحرب الروسية الأوكرانية المحتملة على أفريقيا وآسيا.
يوضح الكاتب أن أوكرانيا تتمتع بأكثر الأراضي الخصبة على وجه الأرض، وعُرفت باسم سلة غذاء أوروبا لعدة قرون، وتعتبر صادراتها الزراعية سريعة النمو -الحبوب والزيوت النباتية ومجموعة من المنتجات الأخرى- ضرورية لإطعام السكان من أفريقيا إلى آسيا، موضحا أن جزءا كبيرا من الأراضي الزراعية الأكثر إنتاجية في أوكرانيا يقع في مناطقها الشرقية الأكثر عرضة لهجوم روسي محتمل.
اتساع عملاء القمح الأوكراني
وأشار إلى أن قائمة عملاء الصادرات الأوكرانية، خاصة القمح، تشمل الصين والاتحاد الأوروبي، لكن العالم النامي هو المكان الذي أصبح فيه القمح الأوكراني من أهم الواردات.
وعلى سبيل المثال -يضيف الكاتب- نصف واردات لبنان من القمح يأتي من أوكرانيا، وتستورد منها اليمن وليبيا ومصر ما نسبته على التوالي 22% و43% و14% من احتياجاتها من القمح، وهناك 14 دولة من بلدان العالم الثالث تعتمد على القمح الأوكراني لأكثر من 10% من استهلاكها، بينها ماليزيا التي تستورد 28% مما تستهلكه من القمح من أوكرانيا، وإندونيسيا 28% أيضا، وبنغلاديش 21%.
واستمر الكاتب يقول إن انعدام الأمن الغذائي سوف يتفاقم في العديد من البلدان النامية التي تعتمد على أوكرانيا في قوتها. وفي البلدان غير المستقرة سياسيا مثل ليبيا واليمن ولبنان، يمكن أن تؤدي صدمات أسعار الغذاء الإضافية بسهولة إلى تدهور الوضع السيئ بالفعل.
زعزعة استقرار الحكومات
وفي العديد من البلدان الأخرى أيضا، يمكن أن يؤدي ارتفاع الأسعار وانعدام الأمن الغذائي إلى اشتعال الصراع، وزيادة التوترات العرقية، وزعزعة استقرار الحكومات، وامتداد العنف عبر الحدود.
وحذر الكاتب من الاستخفاف بهذه السيناريوهات، قائلا إنه لم يمض سوى عقد من الزمان على انتفاضات الربيع العربي، حيث كان ارتفاع أسعار المواد الغذائية بمثابة الشرارة التي أشعلت فتيل الثورة في تونس ومصر. وفي الآونة الأخيرة، يحتاج المرء فقط إلى النظر إلى كازاخستان ليرى مدى السرعة التي يمكن أن يؤدي بها ارتفاع سعر السلعة الأساسية -في هذه الحالة الوقود- إلى الاحتجاجات والعنف، والتدخل العسكري الروسي.
تطرف الحركات السياسية الجماهيرية
وأضاف أن شكاوى السكان قد تكون أوسع بكثير وقد تراكمت على مدى سنوات عديدة، ولكن غالبا ما تكون صدمة الأسعار هي التي تؤدي إلى نشوب الصراع. ويمكن أن يزيد الجوع من عدم المساواة الذي تنتج عنه التوترات ويؤدي في الوقت نفسه إلى تطرف الحركات السياسية الجماهيرية.
واختتم الكاتب بأن التدخل الروسي في الزراعة الأوكرانية ليس بالأمر الجديد. فقد أدت المجاعة المروعة التي ارتكبتها السياسات السوفياتية في أوكرانيا في ثلاثينيات القرن الماضي إلى مقتل ما بين 4 و7 ملايين أوكراني.